مع الشخص الضعيف في قلب المجتمع ( المدرسة )

منذ أن قرات التدوينة الرائعة  ( بابلو بينيدا والإعاقة المعجزة )  وأنا أفكر في متابعة الكتابة عن الشخص الضعيف وواقعه في سوريا ولعب الكسل التدويني والكثير من الملل والقرف الانترنتي عموما ً بتأخير هذه التدوينة


سأبدأها بإدراج مقتطف من ميثاق حقوق الطفل

المادة 23
1. تعترف الدول الأطراف بوجوب تمتع الطفل المعوق عقليا أو جسديا بحياة كاملة وكريمة، في ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على النفس وتيسر مشاركته الفعلية في المجتمع.
2. تعترف الدول الأطراف بحق الطفل المعوق في التمتع برعاية خاصة وتشجع وتكفل للطفل المؤهل لذلك وللمسؤولين عن رعايته، رهنا بتوفر الموارد، تقديم المساعدة التي يقدم عنها طلب، والتي تتلاءم مع حالة الطفل وظروف والديه أو غيرهما ممن يرعونه.
3. إدراكا للاحتياجات الخاصة للطفل المعوق، توفر المساعدة المقدمة وفقا للفقرة 2 من هذه المادة مجانا كلما أمكن ذلك، مع مراعاة الموارد المالية للوالدين أو غيرهما ممن يقومون برعاية الطفل، وينبغي أن تهدف إلى ضمان إمكانية حصول الطفل المعوق فعلا على التعليم والتدريب، وخدمات الرعاية الصحية، وخدمات إعادة التأهيل، والإعداد لممارسة عمل، والفرص

و قد يجمع معظمنا هنا على أهمية ما ذكر سابقا ً سواء في كسر عزلة الطفل المصاب بإعاقة ما وحصوله على صداقات وعلاقات ،تعليمه أساسيات اللغة والتربية وتوعيته بحسب طاقته  أو لتمكينه من الاستقلال بنفسه ( حساب ، شراء ، قراءة ) وربما يوما ً ما فرصة عمل حتى ..بالإضافة لمساعدة الأهل المتعبين أصلا ً نتيجة الاحتياجات الخاصة لابنائهم
 وإذا حاولنا النظر بنظرة أكثر مجتمعية ، لاستطعنا أن نرى أن تأهيل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة قد يخفف على المجتمع عبء إعالتهم مستقبلا ً وتحويلهم من أشخاص مستهلكين إلى منتجين .
وللأسف لا يهم ما نتفق عليه كلنا ولا يهم كذلك أن تكون سوريا موقعة على ميثاق حقوق الطفل ، فهناك الواقع على الأرض ومدى الاهتمام الفعلي والجدي بتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة ( وسأخصص قليلا ً .. المجروحين في ذكائهم لأنني على اطلاع شخصي أكبر على واقع الامكانيات  وضيق افق الاحتمالات ) ..
التي في حالتنا في حلب وبعد البحث الحثيث والدخول إلى موقع الوزارة ( التي يفترض الشخص أن هذا الموضوع قد يجده في المواقع الرسمية ) لم نتمكن للأسف من الوصول  إلى مدرسة اليوم تستطيع تعليم إحدى الصديقات التي تعاني من ضعف عقلي لا يعيق عملية التعلم ومن مصاعب حركية ونطقية   ) وبعد البحث وسؤال الإصدقاء والمعارف هناك خيارين على ما يبدو ( أرجو لو كان هناك أحد على اطلاع على خيارات أخرى في حلب .. ان يراسلني مشكورا ً بها )
الخيار  الأول : هو جمعية يدا ً بيد  ( التي تستقبل 37 طالبا ً فقط ) والتي أعتقد ( لا بل أكاد أجزم دون النظر إلى الإحصائيات ) أن هذا العدد لا يكفي لكل الأطفال المجروحين في ذكائهم  .. ( وهذا لا يقع على عاتق الجمعية .. فهي محدودة الإمكانيات والدعم والكوادر المؤهلة)
الخيار الثاني : هو مدرسة الحكمة ، التابعة لطائفة الروم الكاثوليك والتي هي غير مؤهلة بالعدد الكافي من الكوادر والذي لا يسهل  بناءها الأمر على الأشخاص الذين يعانون من مصاعب حركية  ( الكثير من السلالم وعتبات عالية في الصفوف ) الأمر الذي يجعل من دراسة شخص يعاني من صعوبات حركية عبئا ً كبيرا ً على المدرسة وعليه .. التي قبلت رغم ذلك بمقابلتنا للتحدث بالأمر .. وطبعا ً لا تندرج هذه المدرسة الخاصة ضمن مجانية التعليم  


ولست هنا أقارن أو اطالب بالتعلم من التجربة الأوروبية في التعامل مع الطفل المعاق ومع ذوي الاحتياجات الخاصة عموما ً ، لا أنا أغار من تجربة أقرب التجربتين الجارتين ” الأردن ولبنان ”  ..
ورغم أنني أتابع بقليل من الأمل ، المبادرات التي تقوم بها السيدة الأولى مع الجمعيات الخيرية ، ومحاولات وزارة التربية لدمج الأطفال ذوي الإعاقات الجسدية الخفيفة في المدارس .. يبقى فعليا ً على وزارة الشؤون الاجتماعية ( منقول انشالله ) ووزارة التربية مسؤوليات عالقة منذ سنين تجاه هؤلاء الأطفال وتجاه زويهم وأصدقائهم .. أنا لا أحلم ( لست أجرؤ بعد أن أحلم ) أن يصبح لدينا بابلو بينيدا في سوريا .. ولست حتى على صعيد التخيل ، أفكر بالشهادات الجامعية للمصابين بمتلازمة داون .. أنا أحلم فقط بما هو أساسي ( الأحرف الأبجدية والأرقام .. وبعض العلاقات المدرسية .. رسم وموسيقى ربما ) لا أكثر ورغم ذلك يصطدم هذا الحلم بالواقع المخزي الغير مبرر ،



أملا ً بغد ٍ تصبح فيه حياة الأشخاص الضعفاء .. أكثر سهولة وإنتاجية 


لكم ودي 

10 thoughts on “مع الشخص الضعيف في قلب المجتمع ( المدرسة )

Add yours

  1. لاحظت اهتمامك ب(المجروحين في ذكائهم)وأسعدني ذلك جدا.. أتعامل كل يوم يا صديقتي مع اثنين منهم (اخواني) ..:)الأول يعاني من متلازمة داون وهو الأكبر..للأسف لم نستطع أن نفعل له أي شيء وتربى بيننا فعلمناه أساسيات الحياة وكنت قد حقدت على مجتمعي الذي يزوي ب*أحمد* ويسلب منه حقوقه حتى بحق اللعب في حديقة عامة بين نظرات عيون الأطفال المتسائلة وأحيانا تخلف الأهل وإبعاد أولادهم عنه كأنه مرض معدي فتاك..وأخي الثاني *محمود* الذي يعاني من التوحد ,اكتشفنا ذلك متأخرا وحاولنا البحث له عن مكان ليتعلم به وبعد 3 سنوات من مدرسة في الاحتياحات الخاصة,قرأ والدي عن مدرسة تدمج ما بين الطبيعيين ومن هم مثل أخي وقد كانت تجربة ناجحة جداً..فقد استطاع وخلال سنة أن يطور مهاراته اللغوية والاجتماعية واعتقد بأن الدمج من الطرق الفعالة جداً لمساعدة طفل بأن يرى أن هناك مجروحين في ذكائهم ولكنهم إنسان.. لا أعرف إذ هناك في سوريا ذلك النوع من التعليم فأحببت أن أشارككي تجربتي..تقبلي مروري..:)شيما

    Like

  2. شكراً على ربط مقالتي :)التقصير هنا هو مسؤولية حكومية بالدرجة الأولى و الوحيدة لأن الوضع في سوريا قام على أن تقديم الخدمات للمعاقين بأنواعهم هي من اختصاصات الجمعيات الخيرية, و في هذا الأمر خطأ مزدوج: الأول: الجمعيات الخيرة, فوق عللها و استخداماتها المذهبية و الدينية, ذات امكانات قليلة و لا تتمتع بتمويل مستقر و متواصل.ثانياً: تقديم الخدمات الأساسية لمواطنين أصحاب حقوق مثل المعاقين ليس مسؤولية الجمعيات الخيرية, و إعطاؤه هذه الحقوق ليس صدقةً أو إحساناً, إنه واجب حكومي, لعلّه من أكبر واجبات الحكومة, من الوقح تحويل الحقّ إلى صدقة, هذا غير أخلاقي. المشكلة لدينا أن دولتنا هي كما هي, و فوقها نعاني من قلّة مسؤولية و سوء إدارة في وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل بشكل استفزازي جداً.تحية

    Like

  3. أولا: تحياتي مرسيل، ورغم أني لا أعلّق إلا أنّني أتابع..ثانيا: أكثر مابعجبني في مقالاتك حول ذوي الإحتباجات الخاصة هو استخدامك لتعبير \” الشخص الضعيف\” وهو تعبير موفق جدّا برأيي، ويحيل الإعاقة إلى ضعف في جزء جسدي لكنه مشابه لأي ضعف آخر مستتر أو مكشوف، جسدي أو نفسي، فيصبح كالجميع.. مثلنا تماما.. جميل جدا:)ثالثا: ربّما ذكرت في تعليق لي حول إحدى مقالاتك، أنّ من واجب البلديات بالتعاون مع المجتمعات الأهلية، ووفقا لجملة من القوانين التي ينبغي أن يشرعها البرلمان، أن تحول حياة أولئك إلى حياة غنية،وتساعدهم لكي يعيشوها مع أهلهم بأقل قدر من المعاناة، وأكبر قدر من الإستقلالية، لكن المشكلة في المجتمع، استطرادا في الدولة، الذي يرى نفسه أهم من أولئك، كما يرى نفسه أهم من الطبيعة ومكوناتها الأخرى، فيبرر لنفسه إهمالهم، كما إهمال البيئة.. الموضوع دائما ينطلق من احترام قيمة الفرد بذاته كغاية وليس كوسيلة، مادام مجتمعنالم يستعد قيمة الفردية لن يستعيد قيمة الخصوصية وبالتالي لن يرى في أبنائه سوى قطيع يسوقهم حسبما يريد.. غالبا إلى حتفهم وحتفه…

    Like

  4. أكثر ما يعجبني عندما تتكلمين في هذا الموضوع هو أستخدامك لجملة \” الشخص الضعيف\” …جملة لا تجرح النظر حتى لن ننتظر التبرير حتى يصطدم الحلم بالواقع المخزي…….متبع دائما-غزة

    Like

  5. Shaimaمنورة المدونة ، ( بالنهاية مهما حاولنا ونظرنا ) بيبقى الأشخاص الأكثر وعيا ً للموضوع هم أهل الشخص الضعيف هل نجحت تجربة الدمج ؟ ( لست على معرفة بأشخاص في سوريا للأسف 😦 استطاعوا تحقيق تجربة دمج . .لا ناجحة ولا غيرو ) نتمنى يوما ً ما ان يصبح الدمج أمر ممكن 🙂

    Like

  6. SyrianGavrocheبالفعل المقالة رائعة لهيك من وقت ما قريتها وانا بدي اكتب وما عم يصحلي وقت المشكلة انو البعض بيلاقي مبررات بأنو في مشاكل أكبر ( وكأن أمور تعليم وعمل و .. كل أولويات ذوي الاحتياجات الخاصة هي أقل أهمية من أمور الأصحاء .. بالنهاية نحنا كجمعيات خيرية ، ما عنا القدرة ( حتى لو ردنا ) انو نمول ونعمل مدارس وبيوت ومشاغل و .. و ..وزارة الشؤون الاجتماعية ما بعرف شو بتعمل !

    Like

  7. باسل اشتقنالك بداية ( صايرة هي لازمة للرد عليك ) اي المشكلة تماما ً هي في قيمة الانسان ومدى وجودو على اولويات الدولة أو الوزارة في شوية تحركات بس بتبقى للأسف ناقصة ومشروع \” حواية \” يعني هالمحاولات لازالت عم تشوف هالضعيف ما خرجو يتعلم ما خرجو شي .. وعم تنظر للموضوع انو كام ساعة بيقضين بعيد عن البيت بيريح أهلو ! وللأسف عم نرضى من قلة الخيارات

    Like

  8. صديقي الغزاوي اتمنى أولا ان تكون بخير بدنا نحلم ونحاول نغير الواقع المخزي وإذا ما قدرنا ، فعلى الأقل منكتب عنو ومنترك الكلمة تفعل اثرها

    Like

  9. تحياتي عزيزتي مرة أخرى،،وبالإشارة إلى سؤالك نعم لقد نجحت التجربة بنسبة جيدة، نحن نأمل بتحسنه وليس بالوصول إلى الطبيعي أو ما شابه، بل نريد له أن يعيش حياة يعتمد بها على نفسه ليفهم الآخرين والآخر يفهمه،،فكرة الدمج بحد ذاتها فعالّة جداً، لأنها (كضرب عصفورين بحجر واحد) فالطبيعي يفهم وجود الآخر الغير طبيعي ، والإنسان الضعيف* يتقبل وجود آخرين في حياتهم ..أتمنى أن يصبح هناك في سوريا مدارس دمج ونرجو مستقبل أفضل لشخصنا الضعيف..* التسمية راقية شكراً على استخدامك هذا التعبير :)دمت بحب :)شيما

    Like

Leave a comment

Up ↑