اللوحة للفنان السوري : جابر العظمة
حطام .. كل الذي تبقى حولهم
أو ربما كل الذي تبقى لهم وبهم
حطام
أولئك الناجين الذين لا صورة تلخص عذاباتهم
ولا توثيق يصف نهاية الطريق
الذي قد يبدو له ليس ذو آخر
عذاب الناجين .. ذاك السؤال اليومي كالصلاة فرضا ً
لم رحلوا هم وبقينا نحن؟
يعودون إلى البحث في أعماق خطاياهم
ليجدوا مبررا ً لعقوبة ً اسمها الحياة
لا يرحل إلا الصالحون
ويؤرق الباقون .. إثم بقائهم
ليس لديهم كالآخرين ترف تحليل الهزيمة
فهم لا يجرؤن على الكفر بالنصر
أرحل “وائلٌ” سدىً؟
لا يجرؤون حتى على هز الرأس إيجابا ً على أسئلة كهذه
دفنوا أكثر مما يسمح لهم بشك الخيبة
سننتصر لاشك .. يرددون همسا ً
خجلين من الأموت على خفوت الصوت
وخجلين من الأحياء على سذاجة الأمل
سعداء إن هم حزنوا
فهم لم يعودوا يدركون
إن كانوا حزينين فعلا ً على الذين غابوا
أم أن لمحة الحزن هذه
تهديهم بعضا ً من الرضا عن النفس
أنها توهمهم أنهم لا زالوا بشرا ً
فقدّوا كل الإيمان مرتين على الأقل
فهم غضبوا من الله وغضبوا ثم من ذواتهم لأجل ذاك الغضب
ومن ثم اعتقدوا ان ما بهم هو جراء ذاك الغضب أساسا ً
فعادوا يتعبدون حينا ً إيمانا ً وحينا رشوة ً للنصر
الذي يأبى أن يزور أحلامهم حتى
بعد الخمسمئة ألف شهيد
أصبحوا يسألون أنفسهم ما معنى الإنسان دون حرية ؟
وهل تستحق هذه القيمة ؟
بعد المئة ألف شهيد
أصبح السؤال .. سخرية
ما قيمة الإنسان أصلا ً بحرية أو بدون ؟
ما الحب ؟
ما العائلة ؟
ما جدوى المعرفة ؟
لا قيمة أسمى من الموت الذي لا يدركهم
وعندما أخيرا ً توقفوا عن العدّ
لم يعد شيء هناك يثير فيهم
لا غضبا ً ولا دهشة ولا سؤال
يستمتعون بأدنى إدماناتهم
خصوصا ً تلك التي تدمّر ما تبقى من الروح
فهم مصّرون أن تلك الروح هي عبء أكبر من حجم أكتافهم ..
هي الحياة ببؤسها
هو الغد القادم رغما ً عنهم
لعنة الناجين
عمل ادبي مهم
LikeLike